نظمت السفارة الإيرانية بانواكشوط
مساء البارحة حفل استقبال بمناسبة ” الذكرى 39 لثورتها ” فی 10
فبرایر 1978 ، وألقى السفير الإيراني خطابا اتسم بالمغالطات والكذب
والنفاق والتودد والفخر بالأمة الفارسية .
غير أن موريتانيا تعلم جيدا خطر
المد الفارسي الذي استطاع أن يصل إلى العمق العربي ويحتل العديد من
العواصم العربية عن طريق التجنيد المطلق لأحزاب تنادي بالطائفة كحزب
الدعوة في العراق ، و حزب الله في لبنان الذي استخدمته إيران كرأس حربة في
المنطقة وأحدثت بواسطته خللا بنيويا ، لذلك اعتبرت الحكومة الموريتانية ”
حزب الله اللبناني” منظمة إرهابية ، ورفضت الترخيص لنشاط مساند له في مارس
2016 .
والحقيقة أن النظام الإيراني بدأ
نشاطه بتشكيل خلايا داخل الدول العربية لإحداث البلبلة فيها والاستفادة من
البعد الطائفي ما أمكن لتحقيق مراميه السياسية بإحياء أمجاد الدولة
الصفوية.
وكانت الحرب العراقية الإيرانية
واحدة من أهم نتائج تصدير الثورة والتي اعتبرها العرب تخريبا لبنيتهم
الاجتماعية لما في المد الإيراني من بعد طائفي خطير ، حيث ظهرت بعض القضايا
التي لم تعرفها المجتمعات العربية من قبل كتعبير السني والشيعي.
إلا أن المد الإيراني في تلك
الفترة لم يكن على ما هو عليه الآن من القوة ، لأن عراق صدام حسين شكل
عملياً جدارا قوياً في طريق هذا المد ، رغم وقوف بعض القوى التي تشتكي
اليوم من الخطر الصفوي ، إلى جانب إيران في ذلك الوقت .
ومع ذلك استطاعت إيران أن تصل إلى
العمق العربي عن طريق دعم أحزاب تنادي بسيادة الطائفة الشيعية ومرتبطة
بنظامها، فقد جاء في البيان التأسيسي لحزب الله عام 1985 ” أنه يلتزم
بأوامر قيادة حكيمة تتجسد في ولاية الفقيه وفي آية الله الخميني “، ويضيف :
ابراهيم أمين أحد قادة الحزب ” نحن لانقول إننا جزء من إيران نحن إيران في
لبنان ” .
ورغم أن الشيعة في لبنان لايصلون
إلى 30%من عدد السكان ، فإن حزب الله بدا وكأنه هو الذي يحكم الدولة
اللبنانية ، وذلك لأن إيران باشرت بالإنفاق على هذا الحزب منذ العام 1982
ودربته وجهزته عسكريا على طراز الحرس الثوري ليكون ذراعا عسكريا لها على
الأراضي اللبنانية ، وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ
:6/9/2014 أن المستشار العسكري للمرشد الأعلى رحيم صفوي قال إن “حدود
بلاده الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض “، ونسبت أيضا إلي وزيرالدفاع
الإيراني الحالي قوله “إن حزب الله في لبنان ينفذ الفكر الايراني “، لذلك
تعتبر إيران حزب الله جزء من حرسها الثوري ، حيث يقول فخر روحاني سفير
إيران السابق في لبنان في مقابلة مع صحيفة “إطلاعات ” الإيرانية (لبنان
يشبه الآن إيران عام 1977 ولو نراقب ونعمل بدقة فإنه سيجيئ إلى أحضاننا
وعندما يأتي لبنان إلى أحضان إيران فسوف يتبعه الباقون ) .
وغيربعيد عن لبنان أوغل حافظ
الأسد الذي عمل على فرض نظام حكم يستندعلى أقلية طائفية بالتعاون المطلق
والخفي مع الخميني في ترسيخ خصوصية الطائفة العلوية بحماية فارسية، حيث تم
اشهار التحالف الشيعي الإيراني مع نظام آل الأسد على المستوى الشرعي
والفقهي مثل ما حدث مؤخرا حين أصدر” علي الكوراني العاملي ” وهو من أكبر
المراجع الشيعية في إيران فتوى شرعية باعتبار بشار الأسد من ” آل البيت ”
وذلك في كتابه “عصر الظهور ” الذي يعرض أن المهدي المنتظر سيظهر بعد
استكمال تحقّق 19 علامة ، ومن تلك العلامات “العلامة 17 ” التي تخص سوريا
و(بشار الأسد شخصيا الذي سيقاتل عندما تقوم ثورة على نظام حكمه ، وقتاله
سيكون لحماية الشيعة ضد أحفاد معاوية الذين سيثورون عليه في سوريا ) ،
وأفتى ذلك المرجع الكوراني بقدسية القتال إلى جانب بشار الأسد .
ومن أشد المظاهر وضوحا للمد
الإيراني القيام بتشكيل مليشيا موالية لها وخلق زعامات ومرجعيات لتفكيك
بنية الدول العربية مثل ما حصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان مع
ماهومتوقع في الخليج العربي حيث بدأ صوت الشيعة هناك يعلوا لدرجة الدعوة
إلى الانفصال في مناطقهم خصوصاً في البحرين والكويت والمنطقة الشرقية من
السعودية .
ولم تكتف إيران بالتحرك على
المواقع التقليدية للشيعة داخل الوطن العربي ، بل إنها توسعت غربا ، ففي
مصر يحذر العلماء الآن من الإختراق الشيعي لبلادهم ، حيث يدعي محمد الدريني
أحد أبرز الشخصيات الشيعية أن عدد الشيعة في مصريبلغ مليون ونصف المليون ،
وإن كانت المصادر الأخرى لاتزيد عددهم عن عدة آلاف .
وفي فلسطين وجدت إيران طريقها
لقلوب الكثير من سكان قطاع غزة عبر العمل الخيري، لتقطع مسافة كبيرة بعد
ذلك ويتم الإعلان عن أول جماعة شيعية مسلحة في قطاع غزة، تحمل اسم “حركة
الصابرين نصرا لفلسطين” (حصن) .
أما في السودان فقد ذكرت صحيفة
الشرق الأوسط الصادرة بتايخ 2/9/2014 ، (أن السلطات السودانية قررت إغلاق
عدد من المراكز الثقافية الإيرانية في البلاد، وإمهال القائمين عليها 72
ساعة لمغادرة البلاد ).
ونسبت لصحيفة “سودان تريبيون” (أن
القرار يعودإلى حالة قلق وتحذيرات أطلقتها دوائر دينية وإعلامية حيال
انتشار الفكر الشيعي وسط الشباب السوداني بعد تكثيف الملحقية الثقافية
الإيرانية أنشطتها في الخرطوم) .
أما في دول المغرب العربي : فقال رئيس لجنة الأوقاف بالمؤتمر الوطني الليبي
محمد الوليد، يوم 13/12/2012 لصفحة أجواء لبلاد الإخبارية إن هناك بعض
الدعاة إلى المذهب الشيعي يقومون بشراء أراضي باسم الحوزة الشيعية في
ليبيا، مشيرا إلى أنهم يهدفون إلى تأسيس مؤسسات ومراكز للتشيع ، وأكد رئيس
اللجنة أنه تم بالفعل استقطاب بعض الشباب إلى دول مثل إيران من أجل تعليمهم
المذهب الشيعي .
وفي تونس أصدرت يوم22 /8/ 2012 جمعية “الرابطة التونسية لمناهضة المدالشيعي
في تونس” بيانا دعت فيه الحكومة إلى قطع علاقتها الثقافية مع ايران
و”الاسراع فورا بغلق المركز الثقافي الايراني الذي يعمل على نشر المذهب
الشيعي .
كذلك اتهم مسؤول جبهة الصحوة الحرة الإسلامية ، عبد الفتاح زيراوي حمداش، ،
في مقابلة مع صحيفة البلاد الجزائرية يوم 22/9/2014 وزارة الشؤون الدينية
والأوقاف، بالتقصير في محاربة الشيعة والتشيع في الجزائر. وأكد أن السفارة
الإيرانية في الجزائر، تضخ أموالا ضخمة لنشر التشيع .
أما في المملكة المغربية فيوجد
حوالي 8 ألاف شيعي كما أشار التقرير الأميركي، الصادر عن وزارة الخارجية
الأمريكية حول الحريات الدينية سنة 2008 .
و في موريتانيا تقول شبكة ” الكفيل” الموالية لإيران الصادرة
بتاريخ:9/3/2014 إن عدد الشيعة في موريتانيا وصل إلى 1,5% أي ما يناهز (50)
الفا من تعداد السكان سنة 2011، و(أن انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية
سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها أمر بات قريبا،
لأسباب كثيرة، من أبرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل
البشرية المزمنة ) ، غيرأن هذا لايخلو من المبالغة .
والحق أنه من الخطإ اعتبار ظاهرة التشيع الصفوي حالة عابرة ليس لها تأثير
على المقومات العقائدية والدينية للمجتمع الموريتاني , فهناك وسائل تستعمل
في عملية هذا التغلغل مرتبطة بالجانب المادي وأخرى بالجانب الإغرائي , فضلا
عن طرح شبه فكرية وعقائدية تشكك في صحة ما عليه أهل السنة من الحق ، ويشكل
زواج المتعة المتفشي عند القوم وسيلة أخرى لا تقل خطورة عن سابقاتها في
الفتك بالشباب ، خصوصا أن الشيعة الصفوية في موريتانيا صلاتها قوية بالدول
والمنظمات الراعية لها .
وفي هذا الصدد يقول بكار
ولد بكار الموصوف بأنه ” زعيم شيعة موريتانيا أن جماعته ملتزمة بتنفيذ أية
فتوى تصدرها المرجعية العظمى لشيعة آل البيت بخصوص القتال ضد داعش” حسب ما
جاء في القدس العربي الصادرة بتاريخ 24/6/2014والتي أضافت أن من روافد المد
الشيعي في موريتانيا الحوزة الشيعية في السنغال المجاورة التي تدعي أن لها
في ذلك البلد 120 مدرسة .
غيرأن الحوزة الشيعة الموريتانية
التي يقودها بكارالذي صرح بأنه ارتبط بالمرجعية السيستانية أصبحت تحيي
ذكرى عاشوراء من كل سنة في موريتانيا بعد أن كان أتباعها يتوجهون إلى
السنغال لإحياء ذكرى العاشرمن محرم في هذا البلد المجاورالذي يتزعم شيعته
محمد عالي الشريف الموريتاني الأصل .
وبما أن هذه القضية أصبحت تشكل
خطرا على المجتمع الموريتاني سواء من جهة العقيدة أوالسلوك ،فقد بدأ
العلماء الموريتانيون بالتصدي لها ، تحت عناوين مختلفة من أبرزها :” المد
الشيعي في موريتانيا، وخطره على المذهب المالكي