بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله،
(رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي). صدق الله العظيم,
يقول الله تعالى : (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ
اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ) صدق الله العظيم
و يقول تعالى : (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الآية
و
يقول تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا
تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ
رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)
قال قائل منا ذات يوم تنزيلا و استشهادا أن محمد ولد عبد العزيز قد “أطعم من جوع و آمن من خوف”، فـ “جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ ” لابسا كلمة اصلاح لا نرى أجمل منها و لا أعظم، فجاء “ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَ((لَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَد))ٌ“.(حديث)، جاء ليقول أن كلمة الإصلاح تحذر صاحبنا ذاك من “رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” و تنبؤه بانضمامه لطائفة المنافقين أو ربما طائفة المرتدين عملا بقول صاحب كلمة الإصلاح.
إن
كلمة الإصلاح هذه المرة ابتعد بها سائقها عن مسارها الصحيح و لأنه لم يكن
مطمئنا لما جاء به تعمد الخلط بين المعارضة و الموالاة في دولاب واحد حتى
لا يقال انه استهدف بكلمة الإصلاح عن قصد أو كاد يبوح بمن قصد بما كتبه
كأنما نسي أن لديه هو الآخر “ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” يكتبان “ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ“,
إن
الاستشهاد بالقرآن الكريم و تنزيله على احداث يومية ثبت بما لا يدع مجالا
للشك عن الرسول الأعظم صلى الله عليه و سلم، و هذا ما غفلت عنه كلمة
الإصلاح أو غفل عنه على الأصح مفوضنا المحترم الذي “لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ” حسب ما ورد من تنزيه و تزكية له على الرغم من الحقبة التي كان فيها جزءا من نظام بوليسي كل من كانوا يخدمون في ظله من “ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)“.
إن التحذير الذي ذهبت إليه كلمة الإصلاح لا يعدوا كونه فكرة سياسية محضة جندت لها “آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ” ليقال عن صاحبنا ذاك أنه من الذين “غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)” ببينة قدمها صاحب كلمة الإصلاح الذي ـ و لا أحسبه إلا من الذين يرددون على السنتهم “سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) ” ـ فيما يبدوا قد شق صدر الرجل أو ظهر على الغيب.
الاستشهاد
و التنزيل بالقرآن الكريم في غير استهزاء أجازه كثير من العلماء السابقين و
اللاحقين، و كما ذكرت آنفا فقد استشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
بالقرآن الكريم حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما ، فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم ، وقال “ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ “.
إذا
كان لا بد لكلمة الإصلاح من شيء تقوله في هذا الصدد كان حري بها أولا ألا
تحاول في أواخر ما كتب صاحبنا أن تذهب إلى فلان بعينه فكأنما تريد ألا يبقى
للقارئ من سبيل للذهاب إلى ما يجب أن يذهب إليه، و لكن تصويب كلمة الإصلاح
إلى جادة الطريق لا يرى كاتبه من ضير في ذكر بالإسم و الوسم، أن أفقه من
يذهب إليه صاحب كلمة الإصلاح و يأخذ منه العلم شيخ الاخوان المبجل و
مرجعيتهم الأولى “يوسف القرضاوي” قال في ذات السياق و بنفس الألفاظ أن قطر
“اطعمتهم من جوع و آمنتهم من خوف” و الضمير هنا عائد إلى الإخوان.
فإذا كان هذا البحر الذي لا غبار على علمه بما “ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ ”
قد استشهد بالآيات و بالصفاة التي وردت بها ليصف ما قامت به دولة قطر في
سبيل حماية الاخوان، أفلا يجوز لصاحبنا ذاك أن يستشهد بنفس الاستشهاد أم
أنكم من القوم الذين “ يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى” (حديث) لأنفسهم و “ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ” (حديث) على غيرهم.
و
يجوز التساؤل هاهنا، بأي منطق تأتي كلمة الإصلاح في هذا الوقت بالذات و في
ذروة ما سماه كاتبنا الفذ “هيجان اهل السياسة” و إن كنت لا أخرجه من تلك
الدائرة لأنه من المعلوم بالضرورة أن نفس المبررات التي جعلته ذات يوم يحتج
بجواز إمامة الناس من قبل “مفوض شرطة” في التراويح هي نفسها التي تجعله
اليوم كمفكر تارة و خبير أمني تارة يتصف بصفة “السياسي المتدين” أو
“المتدين السياسي” الذي يحق له أن يأخذ من القرءان للاستدلال و الاستشهاد
على أقوال و أفعال أهل السياسة ـ رغم أن العنوان لم يكن موجها سوى إلى كتاب
المواقع ـ ليحتج على استخدام نفس الأدوات من قبل غيره.
من المعلوم بالضرورة أن الدين الإسلامي دين رحمة و هدى، و أن أهل الدين الحق، هم أولئك الذي قال فيهم ربنا “ الَّذِينَ
هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ
يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ
رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
(32) وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ
عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ
مُّكْرَمُونَ (35)” صدق الله العظيم.
فليس
لأحد أن يأتي بكلمة الإصلاح يجرها بحبال السياسة و يضربها بسياط الشرطة
لكي تجرم بما لا جرم فيه و هو يهمز و يغمز في الناس في تجاهل تام لقوله
تعالى : هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ
أَثِيمٍ (12), صدق الله العظيم.
فيا
ليت كلمة الإصلاح تدرك خطورة ما ذهب إليه سائقها و يا ليتها أيضا تعود إلى
جادة الطريق القويم و يا ليت كاتبنا المحترم يكرر مع ما يكرر من قول “ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ “.
ذ/ محمد فاضل الهادي
0 التعليقات:
إرسال تعليق