الرقص من القلب يثير ذكريات الجسم وحالة الانبهار من خلال اللعب
والحلم ،ومحاولة العثور على العواطف والافكار والمواضيع لبناء خصوصية
العرض الغير تقليدي , ومن خلال الجسم ولغة الجسد نقول أشياء كثيرة تقول
برجيتا إجربلاد "أرني جسمك وانا اقول لك من أنت؟" وأنا أقول من أنت على
خشبة المسرح فحياتنا عبارة عن حلم مابين اللعب والكوابيس ربما حلم وردي
وجميل أو كابوس سريالي مزعج .المخرجة السويدية برجيتا أجربلاد صاحبة
التجارب الإخراجية الجريئة من الغرف السرية إلى حديقة تشيكوف..نص مسرحي
راقص مستلهم من نصوص الكاتب المسرحي الروسي أنطوان تشيخوف مسرحية النورس
،الشقيقات الثلاث ومسرحية بستان الكرز، هجرة الناس مع الماضي في مسرحيات
برجيتا أجربلاد وروح الدعابة والحزن وتصور عالم الاوهام في عالم وشخصيات
تشيخوف مثل أوراق الخريف ملونة وتسقط على الارض في خريف العمر ،أداء الرقص
مع برجيتا أجربلاد يبدأ مع دقات القلب عبارة عن لوحات جدارية من الرقص تظهر
رعونة الشباب والحزن المتعمق داخل وعاء الشخصيات الجميلة والشوق الى موسكو
وحياة أفضل حديقة تشيخوف وخزين من مشاهد التي لا تقدر بثمن حيث يسمح
العواطف في اتخاذ التعبير الجسدي الشديد .عشنا في مسرحية حديقة تشيخوف مع
ممثلين وراقصين جلبوا لنا أجواء المرح , والجمهور شعر بالمتعة وعاش أجواء
إحتفال . من كان هذا الكاتب الروسي أنطوان تشيخوف والذي انطلق من معطف
غوغول ليملأ الأدب الروسي بالمسرحيات الرائعة الشقيقات الثلاث النورس بستان
الكرز ورسائل الحب ما بين الكاتب تشيكوف وحبيبته اولغا. استطاعت المخرجة
برجيتا إجربلاد ـأن تبرز حقيقة الشخصيات المسرحية وتتعارض معها في مسرحية
حديقة تشيكوف في أجواء موسكو الباردة حولت شخصياتها وبملابسهم وهم يرتجفون
اشتياقاً إلى الماضي الجميل غير المزور والواضح علي حقيقته وبساطته الكل
يرقص ويحلق في فضاء جميل مليء بالكراسي ,والكل يمارس لعبة الحب مع الكراسي
ويمارس لعبة الحب كالأطفال من خلال حركة الكراسي وبملابسهم البيضاء
والناصعة للدلالة علي نقاء الشخصيات والواقع الجميل . هنا نجد ايفانوف
يتحرك والخال فانيا والنورس والشقيقات الثلاث شخصيات تملأ السماء والأرض
عشقاً وحباً واشتياقاً والاحتراق إلى الذكريات في مدينة الأحلام موسكو. إن
إحدى الأساليب المهمة إخراجياً والتي تعد أسلوباً مميزاً للمخرجة برجيتا
أجربلاد هو التركيز على الجانب الصوري واختزال الكلمة والاعتماد على جسد
وروح الممثل وعلى الحركات والرقص الحديث مع مجموعة عازفين يمارسون الرقص
والتمثيل في آن واحد. هذا المزيج هو بوصلة الاتصال ما بين الجسد والمشاعر
الجياشة هو عملية إلغاء لكل الفواصل وبدون استئذان تحلق الأجساد والأرواح
في الفضاء المسرحي مع المشاعر الصادقة والخالية من الارتجال. البعض يحترق
شوقاً وتتمزق القلوب ولكن تبقي الابتسامة تغطي الوجوه ، حاولت المخرجة
برجيتا إجربلاد في مسرحية حديقة تشيكوف أن تجعل كل شيء جميلاً وهادئاً مع
الموسيقى وخلق مؤثرات أجواء سقوط الثلج في شتاء موسكو البارد وكذلك في فصل
الربيع وخريف المستقبل وسقوط أوراق الشجر , ومع ذلك كل الشخصيات متعلقة
بالأمل والحياة رغم المستجدات والعولمة ودخولها إلى عالم مدينة موسكو
وتلويث أفكار المجتمع ولكن الجميع بقي متمسكاً بتقاليده وقيمه وعادات
الماضي التليد وحبه إلى أهله وأرضه ومدينته موسكو. حاولت المخرجة إظهار
الناس وهي تتغنى للحفاظ على التقاليد , والتركيز على أسلوب تشيكوف والأحداث
العتيقة والاهتمام بالأزمات العاطفية الحادة والمشاجرات واعترافات الغرام
المؤلمة والخيانات الزوجية.. وموائد الأكل والشرب مجاميع تجلس حول الموائد
وتبدأ بالمغازلة والكلام هذه كلها مواصفات مسرح تشيكوف ، حاولت المخرجة
تصويرها في مسرح تشيكوف, أي جعل كل الأشياء معقدة في الحياة وبسيطة في آن
واحد, وعدم المباشرة في معالجة الكثير من المواقف وهذه مرتبطة بأسلوب
تشيكوف في إظهار شخوصه كأنهم يتكلمون كلاماً عادياً في أوقات تكون رؤوسهم
مشحونة بأفكار ومشروعات هامة. وقد أجادت المخرجة برجيتا أجربلاد أن تمسك
بمفاتيح شخصيات تشيكوف في عدة مسرحيات ذات ألوان وأفكار وحالات نفسية
متعددة الجوانب أن تراها بوضوح وتجسديها وبكيانها أنفسنا كعوالم شاسعة
وشخصيات مشحونة بالمعاني, وأضافت الكثير إلى لمسات من المسرح لبصري
والدراما الداخلية أي دراما التيار تحت سطح الماء , والاعتماد على إثارة
ذكريات الماضي وآمال المستقبل التي ما زالت وستظل بعيدة . هذه السمات
والثيمات في مسرح تشيكوف وجعلت من شخصياتها تلعب دوراً هاماً في المسرحية
وليست مجرد منظر تقع فيه الأحداث, فكل أحلام الماضي التي لم تتحقق موجودة
في مسرحيات تشيكوف واليأس والألم وحالة الضياع تعبر عنها الشخصيات بحرية
تقرب إلى المباشرة
0 التعليقات:
إرسال تعليق