إن الحمد
لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه و على آله وصحبه و سلم تسليما
كثيراً إلى يوم الدين.
أما
بعد...
فالحوار
من الأساليب التربوية المهمة؛ ذلك لأن الكلمات المؤمنة والأحاديث الطيبة لها أثر
في النفوس، وتترك بصماتها في الأفئدة والعقول؛ ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالحوار
فقال: (وجادلهم
بالتي هي أحسن )النحل ،
الآية : 125.فحاور عليه أفضل الصلاة و السلام وجادل بالحكمة والموعظة الحسنة؛ بل
جعل الكلمة الطيبة التي هي وحدة بناء الحوار نوعاً من الصالحات، وضرباً من ضروب
الطاعات والقربات، فقال صلى الله عليه وسلم: "الكلمة
الطيبة صدقة".
وقد عُني
القرآن الكريم بالحوار عناية بالغة، حيث بلغ عدد المرات التي كررت فيها
"قال" أكثر من خمسمائة مرة، وهذا أمر لا غرابة فيه ؛إذ إن الحوار هو الطريق
الأمثل للإقناع، والإقناع هو أساس الإيمان الذي لا يمكن أن يفرض فرضاً، وإنما ينبع
من داخل الإنسان؛ ومشكاة النبوة قد تضمنت أيضاً الكثير من الحوارات التي حاور
الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بكلمات نورانية تأسر القلوب وتقنع العقول وتعظ
النفوس. والأسرة المسلمة أولى المحاضن التربوية في الإفادة من أسلوب الحوار في غرس
المفاهيم التربوية وتثبيت وتقوية الأسس العقدية وبناء الشخصية الإسلامية، والوقاية
من نزغات الشيطان التي تطرأ على اللسان لا سيما وقد كثرت المشكلات الأسرية التي قد
يكون من أسبابها في أحيان كثيرة، كلمة طائشة وعبارة نابية وحوار غاضب ولغ فيه
الشيطان فكان بعد ذلك النزاع والخلاف والشقاق الذي انتهى بدوره إلى هجر وفراق؛بل
ربما تحول إلى طلاق!!
والذي
ينظر إلى حوارات السلف الصالح التي كانت تدور في بيوتهم يجد فيها نفائس إيمانية
ولطائف تربوية ينبغي أن تكون منهجاً لنا في حواراتنا مع أهلينا، نقتبس من مشكاتها
ونسير على ضوئها أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
وقد
تضمنت هذه الرسالة عشرة حوارات في القرآن والسنة وبعض ما روي عن السلف مع ذكر بعض
ما اشتملت عليه من لفتات تربوية ، وحرصت أن يكون الجانب الأكبر منها في موضوع
العشرة الزوجية.
هذا
والله أسأل أن ينفع بهذه الكلمات إخواني المسلمين، وأن يجعل عملنا هذا خالصاً
لوجهه الكريم، وأن لا يحرمنا من دعوة أخ أو أخت لنا في ظهر الغيب أن يغفر الله لنا
ذنوبنا، ويثبت على الحق أقدامنا، وأن يتوفانا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين، وأن يسبغ
علينا رحمته، ويدخلنا جنته مع السابقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحوار
أصله من حار حوراً أي رجع.
قال في
المعجم الوجيز: حديث يجري بين شخصين أو أكثر. وتحاوروا: تراجعوا الكلام بينهم،
وتجادلوا..
وقال في
لسان العرب: معنى الحوار، حاوره محاورة وحواراً : جاوبه.
وفي كتاب
الله: (وقال له
صاحبه وهو يحاوره الكهف ), الآية:37 .
قال
القرطبي: أي يراجعه في الكلام ويجاوبه،
والمحاورة المجاوبة، والتحاور: التجاوب".
ولقد
وردت مادة الحوار في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وكلهاجاءت بمعنى مراجعة الكلام
وتداوله بين طرفين:
1-
(فقال لصاحبه
وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً ).الكهف
، الآية :34
2-
(وقال له
صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب).الكهف
، الآية: 37
3- (وتشتكي إلى الله والله يسمع
تحاوركما).المجادلة
،الآية :1
للحديث
مع الغير في الإسلام أصول وآداب، ينبغي للمسلم مراعاتها حتى يكون المرء ملتزماً
حدود الله، عاملاً في مرضاته، متجنباً مساخطه. فما أكثر عثرات اللسان حين يتكلم،
وما أكثر مزالقه حين يتحدث.
وقد قال
الله تعالى: (وقل
لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً
مبيناً).
الإسراء ، الآية :53 .
فكم من
حوار بين زوج وزوجته لم يراع فيه أصول الحوار وآدابه كانت نهايته الطلاق؟!
وكم من
حوار نزغ الشيطان فيه بين المرء وصاحبه فكانت عاقبته الفراق؟
فمن آداب
الحوار:
قال
تعالى: (لا خير
في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أن إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك
ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً).
النساء، الآية : 114
وفي حديث
أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: "من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
والمراد
بالباطل كل معصية..
فالحديث
عن الأغاني وليالي الطرب على سبيل الإعجاب، هذا من الخوض في الباطل.
والحديث
في أحوال الممثلين والممثلات على سبيل التعلق بهم وإشاعة أفعالهم والدعوة للاقتداء
بهم من الخوض بالباطل.
والحديث
عن عادات وتقليعات المرأة الغربية على سبيل الدعوة للتشبه بها وتقليدها من الخوض
بالباطل.
وأنواع
الباطل كثيرة، كما قال الإمام الغزالي لا يمكن حصرها لكثرتها وتفننها..
كم من
القلوب تشتت بسبب الجدل الذي لا طائل تحته ولا فائدة من ورائه، ولا يقصد منه إلا
إفحام الخصم .. أو التشهير به، وإظهار الخلل في كلامه أو فعله أو قصده، ولذا حثنا
ورغبنا الرسول صلى الله عليه وسلم في البعد عن المراء فقال : "أنا زعيم
ببيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً".
يخاطب
الوالدين بالتوقير والإجلال، والرحمة وخفض الجانب لهما، قال تعالى: (فلا تقل
لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. الإسراء )، الآية
: 23
قال
عطاء: "أي ليناً لطيفاً، مثل يا أبتاه ويا أماه، من غير أن يسميهما أو
يكنيهما، وقال أبو البداح: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد
عرفته إلا قوله (وقل لهما قولاً كريماً) ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول
العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ".
يكثر في
مجالس النساء الحديث عن النفس وتزكيتها، فهناك بعض الأخوات لو أرادت أن تحصي عدد
تكرارها لـ"أنا" في المجلس الواحد لما استطاعت أن تحصيه .. وهذه خصلة
ممقوته منهي عنها.
وقال
تعالى:( فلا
تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). النجم ، الآية : 32.
وتزكية
النفس داخلة في باب الافتخار غالباً، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه،
فإن وجد ما يقتضي تزكية النفس إما للتعريف وإما لتوضيح الأمور المبهمة، وإما لدفع
تهمة أو غيرها في الأمور المشروعة فإن التزكية جائزة .. .
ومن خلال
الحوارات التي تجري داخل البيوت يجد المرء أخطاء كثيرة، تذهب بفائدة الحوار، وتبطل
أثره في النفوس، بل وربما جلبت الشقاق والنزاع والخلاف وأورثت البغض والحقد
والكراهية، ومن هذه الأخطاء:
لكي يكون
الحوار مؤثراً في النفوس، ومحققاً للأهداف التي يراد الوصول إليها، لا بد أن يتحين
المرء الأوقات الملائمة، والأمكنة المناسبة، فلكل مقام مقال .. وعلى سبيل المثال:
(一)
تخطئ
الزوجة التي تفتح باب الحوار (بل باب المشاجرة) مع زوجها وهو غضبان؛ ولذلك قال أحد
الرجال قديما يوصي زوجته:
خذي
العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا
تنقريني نقرك الدف مرة فإنك
لا تدرين كيف المغيب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى ويأباك قلبي والقلوب تقلب
فإني
وجدت الحب في القلب والأذى إذا اجتمعا
لم يلبث الحب يذهب!
ولما دخل
أبو الدرداء رضي الله عنه على زوجته قال لها: إذا رأيتني غضباناً فرضيني، وإذا
رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لا نعيش بعد اليوم أبداً!!
(ب ) تخطئ
الزوجة التي تفتح مع زوجها حواراً تطلب منه أشياء تريدها عند دخوله للبيت بعد فترة
غياب في العمل لا تدري كيف قضاها الزوج!
(
ج ) يخطئ الزوج الذي فتح باب الحوار لتقويم زوجته أمام الأهل والأولاد والأقرباء.
هناك بعض
الأزواج لا يدع مجالاً للمحاورة داخل الأسرة، سواء كانت زوجة أو بنتاً أو أختاً
إما لعرف خاطئ أو لتكبر في نفسه واعتداد بذاته وغرور برأيه. وإما لاحتقار واستصغار
للمقابل..
ويتولد
عن هذا الخطأ: البغض أو الكره للزوج أو العزلة عنه أو عدم القناعة بما يمليه
عليهم، فإذا حضر الزوج التزم أهل البيت – على مضض- بما يريد وإذا خرج عادوا إلى ما
يريدون بعد أن يحمدوا الله على خروجه!!
أخي
الحبيب:
دع أهل
بيتك يعبرون عن آرائهم بصراحة في حواراتهم معك، وأحط هذه الصراحة بسور من أدب
الحديث الذي أجبنا به الإسلام، وها هو سيد البشر صلى الله عليه وسلم يسمح لزوجاته
أن يراجعنه في القول فتدلي كل واحدة منهن برأيها وتعبر عما في صدرها بل وتدافع عن
نفسها، فليس هو وحده الذي يتكلم في البيت.
قالت
زوجة عمر، وقد أنكر عليها عمر رضي الله عنه وعنها مراجعتها له بالحديث "إن
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه".
وله
مظاهر عديدة وصورة كثيرة منها:
(一)
بعض
الأزواج ما إن تحاوره زوجته حتى يحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته حتى يسمعه
الجيران فضلاً عن الأولاد، فصدره ضيق لا يتسع لأحد ولو كان أقرب الناس إليه .. ،
فما أعظمها من وصية تلك التي أوصى لقمان بها ابنه وهو يقول: (واغضض من
صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). لقمان،الآية : 19. وقد قيل قديماً
: (إن كثرة صخب الرجل دليل على حماقته وقلة عقله". وإذا كان ارتفاع الصوت في
غير موضعه من الرجال قبيحاً فهو من النساء أقبح وأشنع، ولذلك أغلظ أبو بكر لعائشة
رضي الله عنهما عندما سمعها ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاء رضي
الله عنه يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فاذن له، فدخل .
فقال: يا
إبنة أم رومان!!
وتناولها، أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال:
فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها.
قال:
فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها – يترضاها -: ألا ترين
أني قد
حلت بين
الرجل وبينك.
قال: ثم
جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها.
قال: فأذن
له، فدخل فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في
حربكما".
(二)
الكلمات
الجارحة والعبارات البذيئة:
إن من
الناس من لم تستقم ألسنتهم على هدي القرآن وسنة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم،
فألسنتهم كالحصان الجموح، إذا تكلموا شتموا، وإذا تحدثوا سبوا، وإذا تحاوروا لعنو.
ولعل للنساء من هذا حظاً كبيراً لا سيما إذا كان الطرف الآخر في الحوار أحد
الأبناء فتسمع من اللعن والسب ما يصخ مسامعك، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم
معللاً سبب كثرة النساء في النار بـ "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير".
(جـ)
الأحكام القاسية والعقوبات الجائرة:
بعض
الرجال ينهي حواره – أحياناً – بأحكام قاسية على زوجته وأبنائه، بل قد يصل به
الحوار إلى الطلاق فيعض أصابع الندم حسرة على استعجاله بعد أن يرى بيته وقد تهدم
بناؤه، وقوضت أركانه ... الأطفال مع أمهم أو عند جدتهم أو عند الخادمة!!..
والتي
كانت زوجته بالأمس رحلت إلى بيت أهلها، وظل هو في بيته فلم يعد يسمع تلك الأصوات
التي كانت تملأ البيت حياة وأنساً، والتي طالما استأنس بسماعها دون أن يشعر
بقيمتها..
وكم رأيت
من أمثال هؤلاء يقول الواحد منهم – بعد فوات الأوان – وهو يفرك يديه النادمة: هل
لي من رجعة إلى زوجتي؟!
أتبكي
على لبنى وأنت قتلتها
فقد ذهبت
لبنى فما أنت فاعل
وهناك من
النساء من تسلك مثل هذا المسلك فتختم بعض حواراتها مع زوجها بـ".. وإلا سأذهب
إلى بيت أهلي".. " .. وإلا طلقني!!" .. " .. وإلا سأ...."..
يا أمة
الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ايما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير
ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
أيها
الأزواج، طهروا حواراتكم من هذه االأساليب فإن عاقبتها مرة!!
الإنسان
بشر يخطئ ويصيب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ابن
آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، وقد يعمل المرء عملاً يرى
صوابه ثم يحاوره آخر فيتبين له خطأ ما فعل والمسلم أواب تواب، يرى أن الرجوع إلى
الحق خير له من التمادي في الباطل، فلا تتحرج إذا حاورتك زوجتك في قضية ترى أن
الحق لم يحالفك فيها أن تقول لها: لقد أخطأت!!
فقد
قالها عمر رضي الله عنه – إن صحت الرواية- : أصابت امرأة ، وأخطأ عمر.
لقد عرض
القرآن الكريم عدة حوارات أسرية، تجلى فيها أدب الحوار الاسري، ومعالم الخطاب
التربوي الذي يؤصل في النفوس حقيقة الإيمان وأخلاق القرآن، ولعلنا نقف مع نموذجين
من هذه الحوارات.
"حوار
ابراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه في سورة مريم"
قال
ابراهيم "الابن" : (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر
ولا يغني عنك شيئاً، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً
سوياً، يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً، يا أبت إني أخاف أن
يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً).
قال
"الأب": (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجُمنك واهجرني ملياً ).
قال
"الابن": (سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً، وأعتزلكم وما
تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً ).
وقد تضمن
الحوار دروساً عدة منها:
1-
الأدب في
حديث الولد لوالده، وتودده إليه وتقديره له. فهو يبدأ حديثه بذكر تلك اللحمة
العظيمة والرابطة الجليلة، انها وشيجة الأبوة.. فيناديه بها بأدب جم (يا أبت) ...
وهكذا ينبغي أن يحدث الأبن أباه وأمه كما أمر الله تعالى بذلك فقال: وقل لهما
قولاً كريماً ومن أكبر العقوق أن يخاطب الرجل أباه كما يخاطب السيد خادمه.
2-
أهمية
التوحيد في دعوة الرسل؛ فهي الأصل الأصيل والركن الركين الذي قامت عليه الرسالات،
وهي الكلمة الأولى التي وجهها إبراهيم إلى والده يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا
يبصر ولا يغني عنك شيئاً وما من رسول بعثه الله إلا كان أول ما دعا إليه قومه
توحيد الله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون .
3-
كثير من
الآباء يأنف النصيحة من ابنه، استكباراً على الولد أو استصغاراً له، ولذا بين إبراهيم
عليه السلام أنه إنما يستمد علمه في دعوته من مصدر علوي وليس من ذات نفسهإني قد جاءني
من العلم ما لم يأتك فاتبعني. لذا ينبغي للأبناء إذا شعروا بعدم تقبل الوالدين
للنصح منهم أن يلجأوا إلى بعض الأقارب لنصحهما, أو إلى شريط مسجل لبعض المشايخ
يناقش ذلك الخلل أو الخطأ أو أي مصدر خارجي أو وسيلة تلقي قبولاً لدى الوالدين
ليستجيبوا للنصح ويرجعوا عند سماعها للحق..
4-
من
الأهمية بمكان أن يوضح المحاور "المتحدث" حرصه واهتمامه بمصلحة الطرف
الآخر؛ ولذلك بين إبراهيم لأبيه خوفه عليه من اتباع الشيطان فيحق عليه عذاب الرحمن
يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً.
5-
الصبر على
الوالدين وحسن صحبتهما وإن كانا مشركين، كما قال تعالى: (وإن
جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً). ولذا
لم يفقد إبراهيم بره وعطفه وأدبه مع أبيه مع قسوة عباراته وجهالة كلماته .. ولم
يزد إبراهيم على قوله سلا م عليك سأستغفر لك ربي .. .
6-
ومع هذا
الإحسان، فإنه لا يعني مشاركة الأب في منكراته، قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه
كان بي حفياً، وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو بي عسى ألا أكون بدعاء ربي
شقياً. فحسن صحبة إبراهيم لأبيه لم يمنعه من اعتزال شركه وكفره..
7- "ومن ترك شيئاً عوضه الله خيراً
منه". فإبراهيم عندما اعتزل أباه وقومه وهجر أهله ودياره، ورحل إلى حيث يدعو
ربه وحده لم يتركه الله وحيداً؛ بل عوضه أهلاً خيراً ممن ترك فلما اعتزلهم وما
يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبياً.
"حوار
نوح عليه السلام مع ابنه في سورة هود"
(ونادى
نوح ابنه وكان في معزل، يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ).
قال
"الابن": (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).
قال
"الأب" :(لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ).
(وحال
بينهما الموج فكان من المغرقين ).
فهذا
حوار أسري بين الأب وابنه يعكس أداباً آخرى من أدب الحوار الأسري:
1-
الرحمة في الخطاب:
فكما أن
الصغير يؤمر بتوقير الكبير، فالكبير ايضاً ينبغي أن يرحم الصغير، وقد قال صلى الله
عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا".
وهكذا
تجد خطاب نوح عليه السلام لابنه تفيض منه الرحمة والرأفة وهو يناديه بتلك الوشيجة
"البنوة" : (يابني اركب معنا).
2-
حرص الأنبياء على تربية ودعوة
أبنائهم:
إن من
أكبر المسؤوليات وأعظم الآمانات في أعناق الآباء تربية أبنائهم، ودعوتهم لكل خير
ونهيهم عن كل شر. و هاهو نبي الله نوح عليه السلام يؤدي هذه الأمانة، ويقوم بهذه
التبعة فينادي ابنه نداء المشفق ويحاوره حوار المخلص: يا بني اركب معنا ولا تكن مع
الكافرين. وسار على نهجه إبراهيم عليه السلام: (ووصى بها
إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ). .البقرة
، الآية : 132 . (واقتفى أثره يعقوب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال
لبنيه ما تعدبون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ..) البقرة
، الآية: 133. وها هو خاتمهم صلى الله عليه وسلم يقول لابنته مشفقاً ومحذراً
ومرشداً: "يافاطمة، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله
شيئاً".
فهل قام
الآباء بهذه الأمانة؟.. وهل اقتفوا هذه السنة التي تواتر عليها الأنبياء؟ . . إن
الذي ينظر إلى تلك الفئام الكثيرة من الشباب الضائع الذين يقضون ساعات ليلهم وزهرة
أعمارهم في مشاهدة الأفلام الخليعة وسماع الأغاني الماجنة وأخذوا يلهثون خلف
حثالات الشرق والغرب ويقلدونهم في تقليعاتهم .. إن الذي ينظر إلى هذا الغشاء يدرك
مدى تفريط الآباء في واجباتهم تجاه أبنائهم، ويحس بمقدار تضييع الأمهات لأماناتهن
ومسؤولياتهن .. وإنهم لمسؤولون … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم
راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها
وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم
تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذون من أدب نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي
فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني... قالت : ولم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. فأفزعني ذلك
فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن. ثم جمعت علي ثيابي، فنزلت فدخلت على حفصة فقلت
لها: أي حفصة، أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟
قالت:
نعم، فقلت: قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فتهلكي؟ لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شئ ولا تهجريه،
وسليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله
عليه وسلم – يريد عائشة".
وهذا
الحوار فيه فوائد ودروس عدة ومنها:
أولاً:
قوله: "كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم
نساؤهم" . فبين عمر رضي الله عنه أن معشر قريش أشد وطأة على النساء من معشر
الأنصار، حيث الحكم الأول والأخير في معشر قريش للرجال، فلا مجال فيه للمرأة أن
تدلي بدلوها، أما الأنصار فللنساء عندهم مجال كبير في إبداء الرأي بل ربما تأثر
الرجال برأي زوجاتهم، قال الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى: "أي نحكم عليهن
ولا يحكمن علينا، بخلاف الأنصار فكانوا بالعكس من ذلك".
ثانياً:
قوله رضي الله عنه: فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار".
وهذا فيه
فائدة .. إن المرأة شديدة التأثر بمن حولها، ولذلك فالصحبة لها أثرها الكبير، فهي
تترك بصماتها على الإنسان بوضوح حتى قال عليه أفضل الصلاة والسلام : "المرء
على دين خليله فلينظر أحدكم ممن يخالل".
عن المرء
لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين
بالمقارن يقتدي
فعلى
المؤمن أن يحذر صحبة السوء، ويحذر أهله؛ بل ويمنعهم من صحبة من لا خلاق له.
ثالثاً:
قوله "فصخبت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني قالت: ولم تنكر أن
أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه".
وجود
المشكلات الأسرية أمر طبيعي لم يسلم منه أحد حتى أفضل القرون مع تفاوت هذه
المشكلات في الحجم والتأثير والنوع.
رابعاً:
إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بسيرة قومه في شدة الوطأة على النساء وعدم
فتح الباب لهن بالمراجعة ؛بل عليه الصلاة والسلام فتح لهن الباب ليدلين بآرائهن
ويدافعن عن أنفسهن ويفصحن عما في صدورهن، وهذا من رحمته عليه أفضل الصلاة والسلام
.. كيف لا وقد قال "استوصوا بالنساء خيراً" ,
وقال: "خيركم
خيركم لأهله".
خامساً:
الهجر بين الزوجين "إن إحداهن لتهجره
اليوم حتى الليل".
(أ )ينبغي
أن لا يكون الهجر مجحفاً ؛بل بالقدر المشروع . ويكون لسان حال الزوج حين هجره
زوجته، قول القائل:
إني
لأمنحك الصدود وإنني
( ب ) قال
عليه أفضل الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: "إني
لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى، قالت : فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال:
أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت علي غضبى قلت: لا ورب
إبراهيم، فقالت عائشة: أجل، والله يارسول الله ما أهجر إلا اسمك".
وهكذا ينبغي أن يكون الهجر بين الزوجين رفيقاً رقيقاً، القصد منه التأديب لا
العقوبة.
(ج )
وإذا حصل الهجر بين الزوجين في الكلام فينبغي أن لا يكون أكثر من ثلاثة أيام لقوله
صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث
ليال".
(八)
(واهجروهن
في المضاجع. النساء )، الآية :34 فالهجر في المضاجع بمعنى أن الزوج ينام مع
زوجته في الفراش ولكنه يدير ظهره عنها ويمتنع عن جماعها.. وهذا يعني أن الأولاد
وبقية الأسرة لا يشعرون به ؛ لأن الغرض هو المعالجة لا التشهير وكشف الأسرار.
سادساً:
قول عمر "فأفزعني ذلك فقلت لها: قد خاب من فعل ذلك منهن .. ثم جمعت علي ثيابي
فنزلت فدخلت على حفصة".
** وهنا
يبدأ الحوار الثاني بين الأب وابنته...
قلت لها:
أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟
وهذا فيه
فائدة للرجال ؛ بل للناس جميعاً ، التثبت من الأخبار، وعدم الحكم في قضية حتى
نتثبت من أخبار رواتها ؛ ولذلك لم يأخذ عمر رضي الله عنه قول امرأته مسلماً حتى
تأكد منه ؛ ولذا ينبغي للزوج أن يتأكد من ادعاء زوجته على أمه، وكذا أن يتأكد من
ادعاء أمه على زوجته، فكم من البيوت قد تفرقت وتشتت شملها بسبب كذب أم الزوج على
زوجة ابنها، أو كذب الزوجة على أم زوجها ؛ ولذا ينبغي للرجل التثبت من الأخبار قبل
الحكم في القضية.
سابعاً:
قالت : نعم، فقلت: قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله فتهلكي؟
لا
تستكثري منه: أي لا تطلبي منه الكثير.
ولا
تراجعيه في شئ: أي لا تراوديه في الكلام ولا تردي عليه القول.
ولا
تهجريه: أي ولو هجرك فلا تهجريه.
هكذا وعظ
الأب ابنته من أجل إصلاحها لزوجها .. لم يحرضها على زوجها كما تفعل بعض الأمهات مع
بناتهن، تأتي الزوجة بعد خلاف بسيط بينها وبين زوجها، فتنفخ الأم فيه حتى تضرم في
صدر ابنتها ناراً تأكل الأخضر واليابس.
قال ابن
حجر رحمه الله في التعليق على الحديث: "وفيه (أي من فوائد الحديث) تأديب
الرجل لابنته وقرابته بالتقوى لأجل إصلاحها لزوجها".
ثامناً:
الحذر من الغرور ببعض أمور الدنيا من مال أو جمال.. والحذر مما يجره ذلك من
استعلاء على الزوج وترفع عليه.
"ولا
يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم – يريد عائشة-
"
فحذرها
رضي الله عنهما وأرضاهما من الغرور بمن حولها حتى لا تقع في المحذور.
قال
الزوج لصاحبه: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي.
فقال
صاحبه متعجباً: وكيف ذلك.
قال
الزوج: من أول ليلة دخلت على امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها.
فقالت:
على رسلك يا ابا أمية .. كما أنت، ثم قالت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله ... إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فأتيه، وما تكره
فأتركه.
ثم قالت:
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
قال
الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع.
فقلت:
الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم.
وبعد:
فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك .. أحب كذا
وكذا، وأكره كذا وكذا.. ومارأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت :
كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما
أحب أن يملني أصهاري... (يعني لا يريدها تكثر من الزيارة) ..
فقالت:
فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو
فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء...
قال
الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.. فلما كان
رأس الحول .. جئت من عملي .. وإذا بأم الزوجة في بيتي..
** وهنا
يبدأ الحوار بين الزوج وحماته..
فقالت
(أم الزوجة) قلي : كيف رأيت زوجتك؟
قلت: خير
زوجة ....
قالت: يا
أبا أمية.. والله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة فأدب ما شئت أن
تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب..
قال
الزوج: فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شئ إلا مرة وكنت لها ظالماً.
والحواران
فيهما فوائد عدة:
أولاً :
التكنية عند النداء "فالزوجة قالت لزوجها على رسلك يا ابا أمية".
وهكذا
ينبغي للمرأة أن تهتم بتكنية زوجها في النداء، سواء للتوقير أو للتدليل حسب ما
يناسب المكان والزمان من الأسماء والصفات .. وكذلك ينبغي للرجل أن يفعل مع زوجته.
فقد كان صلى الله عليه وسلم ينادي عائشة فيقول : "يا حميراء، أتحبين أن تنظري
إليهم".
وكان
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام".
ثانياً:
فقه هذه المرأة .. فقد علمت أهم الأسس التي تقوم عليها السعادة الزوجية، وهي:
1-
الإيمان
بالله عز وجل وحسن الاتصال به، وهذا واضح من بدئها بالحمد لله و الصلاة والسلام
على رسول الله.
2-
طاعتها
لزوجها، وهذا جلي في خطابها له، وحرصها على موافقة زوجها فيما يحب ويرضى في طاعة
الله.
3-
معرفة
الزوج، إذ كثير من النساء لا يعرفن أزواجهن معرفة تمكنهن من التسلل إلى قلوبهم،
والذي يقرأ ويسمع حالات الطلاق يجد عبارة تتكرر كثيراً من المرأة والرجل على
السواء "لم يفهمني ولم أفهمه".
ثالثاً:
الاستمرار في حسن العشرة .. قال الزوج: "فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك
حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك".
ليؤكد
لها أن حسن العشرة تحتاج منها إلى ثبات .. ليس في الشهر الأول فقط.
رابعاً:
ستر العيوب .. كان مما أشار إليه الزوج " ما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت
من سيئة فاستريها".
وستر
العيوب من صفات المرأة الصالحة ؛ ولذا فسر بعض العلماء قول الله تعالى: حافظات
للغيب بما حفظ الله. النساء، الآية :34 .
أي: اللاتي
لا يكشفن أسرار أزواجهن.
يقول
عليه أفضل الصلاة والسلام: "إن من شر الناس عند الله يوم القيامة،
الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه".
وإبراهيم
عليه السلام أمر ابنه إسماعيل عليه السلام بطلاق زوجته، وذلك لعدم سترها لعيوب
البيت، حيث إنه عندما مر بها وقال كيف أنت؟ قالت: بشر، نحن بكذا وكذا، وما تركت
صفة من صفات الشر إلا وذكرتها..
خامساً:
فقه الزوج واهتمامه بصحبة زوجته عندما سألته الزوجة عن الجيران الذين يحب أن
يدخلوا داره بين لها قاعدة عامة وهي: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم
سوء.. فالدخول أو عدمه يدور على قاعدة
الصلاح والطلاح .. فمن كانت صالحة فأدخليها، ومن كانت طالحة فلا ... وهكذا ينبغي
للمرأة ؛ بل للناس جميعاً في انتقاء أصحابهم، فيحرصوا على صحبة الصالحين، ويحذروا
مجالسة الطالحين.
سادساً:
أم الزوجة تنصح ابنتها بما فيه مصلحتها، وينبغي أن لا تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في
بيت ابنتها.. وما يقال عن أم الزوجة يقال أيضاً عن أم الزوج .. مع الفرق في
المنزلة إذ أن أم الزوج لها من الحقوق على ابنها في بيته ما ليس لأم الزوجة في بيت
ابنتها.
وإنما
ذكرنا ذلك لأن هناك بعض الأمهات لا تترك شاردة ولا واردة في بيت ابنها أو ابنتها
إلا وتتدخل فيها، بل ربما توغر صدر ابنتها على زوجها، أو توغر صدر ابنها على
زوجته، فتتسبب في تشتيت أسرة وتفريق جمعها، وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم
ممن سعى للإفساد بين الرجل وزوجته فقال عليه أفضل الصلاة والسلام : "ليس منا
من خبب امرأة على زوجها".
عن طلحة
بن يحيى عن جدته سعدى قالت:
دخلت
يوماً على طلحة (تعني ابن عبيد الله) فرأيت منه ثقلاً، فقلت له: مالك لعلك رابك
منا شئِ فنعتبك؟
قال: لا
، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، ولكن اجتمع عندي مال، ولا أدري كيف أصنع به؟
قالت:
وما يغمك منه؟ ادع قومك، فاقسمه بينهم.
فقال: يا
غلام!
علي بقومي.
قالت:
فسألت الخازن كم قسم؟ قال: أربعمائة ألف.
وهذا
الحوار فيه فوائد:
أولاً:
تفقد الزوجة حاجات زوجها ومشاعره:
دخلت
سعدى على زوجها فرأت على محياه سحابة هم لم تعرف سببها، وهكذا المرأة الصالحة
تتفقد وتتحسس مشاعر زوجها، وتشعر بمعاناته وتعيش همومه وغمومه وأحزانه.. فتفرح
لفرحه، وتحزن لحزنه.
ثانياً: اتهام
النفس والمبادرة إلى المراجعة والتوبة والاعتذار:
فقالت
له: "مالك؟ لعلك رابك منا شئ فنعتبك".
فهي لم
تدعه في غمه، ولم تتركه في ألمه ؛ بل سارعت في البحث عن السبب وعجلت بالدواء، من
أجل أن ترجع لذلك المحيا ابتسامته وتعيد لقلب زوجها سروره وسعادته.. ليس هذا فحسب؛
بل إنها قد ارتابت في نفسها أن تكون هي سبب همه، لعلي قصرت معك في واجب من
الواجبات، فأرجع عن ذنبي، ولعلي فرطت في بعض المسؤوليات، فأعود عن إساءتي، وهكذا
ينبغي للزوجة أن تكون، وفي المقابل، ينبغي للرجل أن يعتذر حال إساءته، ويبادر
بالسؤال عند شعوره بتغير حال زوجته...
ثالثاً: مدح الزوج لزوجته بما
فيها من صفات الخير طريق وأسلوب لزيادة الإلفة والمحبة بينه وبينها، "قال: لا
، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت" يالها من عبارة رقيقة .. حبيبة..
وياله من
أسلوب آسر لقلب الزوجة حين تسمعه من أعز الناس عليها وأحبهم إليها.. أكاد أجزم
أنها عبارة ظل صداها يتردد في قلب سعدى لسنوات طويلة، كلما وجدت في نفسها على
زوجها شيئاً جاءت هذه العبارة فطهرته من تلك الأكدار فعاد قلبها كما كان محباً
لهذا الرجل الذي أفضى إليها وأفضت إليه!!.
وهكذا
ينبغي أن يكون الزوج .. يتذكر محاسن زوجته، ولا ينسى إحسانها إليه، فليس من العدل
والإنصاف أن تحجب مثالب الزوجة عين الزوج عن رؤية محاسنها وجميل صفاتها ,أخلاقها
.. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً
رضي آخر".
ليس هذا
فحسب؛ بل يمتدحها بما فيها من صفات حميدة وخصال طيبة كما فعل طلحة رضي الله عنه..
وينبغي
للزوج أيضاً أن يضع في الحسبان عند خطأ زوجته وتقصيرها، ضعف المرأة ، وقلة حيلتها،
وطبيعة فطرتها، كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "فإن
المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه".
رابعاً:
كثرة ماله أهمه وأحزنه! فكيف سينفقه في سبيل الله.
وهذا هو ديدن السلف
الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم ومن سار على نهجهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة). النور ، الآية :37
ما كانت
تلهيهم كثرة الأموال؛ بل على العكس كانت تهمهم حتى ينفقونها في سبيل الله؛ ولذلك
صلى عليه أفضل الصلاة والسلام العصر ثم عندما انفتل من صلاته خرج يتخطى صفوف الناس
حتى تعجب القوم، ثم رجع بعد قليل، فقال: "لعلكم تعجبتم من سرعة انصرافي فإني
تذكرت تبراً من الصدقة فكرهت أن أبقيه حتى صرفته في مواضعه".
خامساً:
فقه المرأة الصالحة وزهدها:
تكشف
سعدى عن خلة أخرى في نفسها حين حثت زوجها على الصدقة والإنفاق، فهي الزاهدة
الصالحة التي تجاوزت حظوظ نفسها وتخطت لذائذ ذاتها في فستان جديد أو حلي جميل أو
سفر مع الزوج الحبيب أو ... مما تفكر فيه الكثير من النساء اليوم .. إنها حملت هم أصحاب
البطون الخاوية، والأقدام الحافية، والثياب البالية، فقالت دون تلجلج "ادع
قومك، فاقسمه بينهم".
ولكي
يكون الأجر مضاعفاً، أشارت على زوجها بقسمته على ذوي رحمه وأقربائه لأن
"الصدقة على المسكين صدقة، والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة". فما أزهدها
من امرأة، وما أفقهها من زوجة، وما أعظمها من نعمة أنعمها الله عز وجل على طلحة!!
سادساً: بث الزوج لزوجته بعض
همومه وغمومه لتشعر المرأة بمنزلتها عند زوجها.
لم يدع
طلحة (الزوج) زوجته تعيش على هامش حياته فبثها بعض همومه، وأسر إليها بعض خلجات
نفسه؛ لأنه يعلم أن هذا البث وتلك الشكوى وهذه النجوى تحب أن تسمعها الزوجة من
زوجها لأنها تشعر – عندئذ – أنها تعيش في فؤاده، وتغوص في أعماقه...
فبث
الزوج لزوجته بعض همومه طريق وأسلوب يكسب به الزوج قلب زوجته؛ ولذلك كان عليه أفضل
الصلاة والسلام يبث بعض همومه لأزواجه؛ دخل يوماً على أم سلمة في الحديبية فبث لها
حزنه، ذلك أنه أمر اصحابه بالحلق فما قام منهم أحد .. فقالت: اخرج إليهم ثم لا
تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك، فخرج عليه أفضل الصلاة والسلام
ففعل ذلك، فقام صحابته عندما رأوا ذلك فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً".
لقد حقق
الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بث زوجته بعض همومه مصالح منها:
1-
أنه تقرب
إلى زوجته ببث بعض همومه وأشعرها أنها قريبة من قلبه ولذلك خصها بهذا البث.
2-
أنه أفاد
عليه أفضل الصلاة والسلام من استشارة ام سلمة رضي الله عنها وأرضاها فعمل برأيها
وكان رأياً صائباً حكيماً...
عن عبد
الله بن عامر رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأنا
صبي، فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطيك؟
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه؟
قالت:
أعطيه تمراً.
قال صلى
الله عليه وسلم:( أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة
)".
هذا الحوار وقع بين الأم وابنها والرسول صلى الله عليه وسلم
حاضر وفيه فوائد تربوية مهمة:
أولاً: أثر الوالدين في تربية الأولاد
عظيم؛ ولذلك قال عليه أفضل الصلاة والسلام "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه
يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه".
فالوالدان إذا كانا صالحين قائمين على أبنائهما بالتربية
الصالحة، والتوجيه القويم انعكس أثرهما على الأبناء فصلحوا واستقاموا ولذلك قال
القائل:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
ونظراً
لأثر الأم على أولادها وجب حسن اختيارها حال الزواج، كما قال عليه أفضل الصلاة
والسلام: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات
الدين تربت يداك".، لأن وراءها حملاً ثقيلاً وهو تربية هذا النشئ؛ ولذلك وجب
حسن اختيارها ابتداء وحسن تربيتها بعد ذلك؛ ولذلك أراد عليه أفضل الصلاة والسلام
أن يوجه هذه الام توجيهاً تربوياً فلفت
انتباهها إلى ضرورة الصدق في الأقوال والأفعال حتى مع الصغار.
ثانياً: الترغيب والترهيب
جانبان أساسيان في التربية، وهذا ما فعلته الأم، عندما قالت لابنها: تعال أعطيك،
فالأم يمكن أن تربي أبناءها على كثير من الفضائل بأسلوب الترغيب والترهيب.
فإذا
أردت أن يحفظ أبناؤك القرآن الكريم فاختاري على سبيل المثال سورة وقولي لهم: إذا
حفظتم هذه السورة فلكم كذا وكذا، وأنجزي وعدك إذا تحقق الشرط، فالترغيب والترهيب
أسلوبان جيدان لحمل الأبناء على الفضائل، وقيسي على ذلك الكثير من الأمور التي
نريد أن نغرسها في قلوب أبنائنا وأهل بيتنا، كطاعة الوالدين والجد والعمل... إلخ،
وكثير من الآباء قد يتبع هذا الاسلوب "الترغيب والترهيب" ولكن للأسف لا
يتبعه إلا في الأمور المادية عندما ينكسر إناء في البيت، أو عندما يعبث الولد
بحاجة من حاجات البيت، أو عندما يأتي الولد راسباً في فصله، أما عندما يـتأخر عن
الصلاة وعندما يقصر في واجباته تجاه الله عز وجل فقليل من الآباء والأمهات من يسلك
سبيل الترغيب والترهيب في ذلك.
ثالثاً:
كثير من الأمهات لا تبالي بالكذب على أطفالها، وهذا يؤدي بدوره إلى ترسيخ وغرس هذه
الصفة في الأطفال، وما يقال عن الكذب، يقال أيضاً عن بقية عثرات اللسان وسائر
الصفات الذميمة. فالأم التي تكثر على سبيل المثال من اللعن، تجد أبناءها يكثرون من
اللعن حتى تجده يردد اللعن وكأنه يردد السلام، والأم التي تسب وتشتم تجد أطفالها
أيضاً لا يحسنون إلا هذه اللغة، وصدق من قال:
وينشأ ناشئ
الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
وقال
آخر:
وهل يرجى
لأطفال كمال إذا
ارتضعوا ثدي الناقصات
فالذي
يرتضع في لبانه السب والكذب والشتم وغيرها من الصفات الرذيلة لا يتوقع أن ينطق
بالصدق والفضيلة إلا أن يشاء الله!! فكونوا – أيها الأزواج – قدوة صالحة
لأبنائكم..
رابعاً:
إن على الأم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمى في تربية أبنائها تربية إسلامية، كما قال
عليه أفضل الصلاة والسلام في حديث ابن عمر "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة
عن رعيتها".
فالله الله يا أختي المسلمة .. أحسني تربية أبنائك على
الإسلام، ونشئيهم على محبة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.
قالت عائشة رضي الله عنها: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في سفر، وأنا خفيفة اللحم، فنزلنا منزلاً، فقال لأصحابه:
"تقدموا"، ثم
قال لي: "تعالي حتى أسابقك" فسابقني، فسبقته، ثم خرجت معه في سفر آخر،
وقدحملت اللحم فنزلنا منزلاً، فقال لأصحابه: "تقدموا". ثم قال لي:
"تعالي اسابقك"، فسابقني، فسبقني، فقال : هذه بتلك...".
وقد تضمن الحوار فوائد عدة منها:
أولاً: كثير من الرجال يتشاغلون عن زوجاتهم طوال الاسبوع،
ويعتذرون بكثرة مشاغلهم، وهذا هو قائد الأمة وسيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام
يجد في جدول أعماله المزدحم وقتاً يلاعب فيه أهله، ويضاحك فيه زوجته.. فمن هم دونه
أولى بأن يخصصوا في جدول أعمالهم وقتاً لزوجاتهم وتربية أبنائهم.
ثانياً: للملاطفة والمداعبة بين الزوجين أثر في النفوس،
فالرسول صلى الله عليه وسلم ظل يذكر تلك المرة التي سبقته فيها عائشة على الرغم من
طول العهد بها. فقال: "هذه بتلك!!، ولعل من أساليب
إيقاظ المحبة في قلبي الزوجين، تذكر الأيام الماضية والمواقف السالفة التي كان لهم
فيها أحاديث جميلة وأعمال سعيدة، وقد قال الله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم ). البقرة ، الآية :237
ثالثاً: كان عليه أفضل الصلاة والسلام يحرص على ملاطفة
وملاعبة الزوج لزوجته حتى قال لجابر رضي الله عنه وأرضاه: "هلا بكراً تلاعبها
وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك".
بل إنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "كل شيء ليس فيه ذكر الله لهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين
الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة".
رابعاً: الألعاب الرياضية التي تؤديها المرأة ينبغي أن تكون
مناسبة لطبيعة المرأة وبعيدة عن الرجال ؛ وإنما ذكرت هذه الفائدة ؛لأن بعض
العلمانيين يستشهدون بهذا الحديث على لعب المرأة في الألعاب الأولمبية وقد كشفت عن
عورتها في مجامع الرجال !! فالرسول صلى الله
عليه وسلم عندما أراد أن يسابق زوجته عائشة؛ قال لأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم
"تقدموا" فانفرد
بزوجه عائشة فسابقها، ولذا فإن الألعاب الرياضية التي تمارسها المرأة ينبغي أن
تنضبط بالضوابط الشرعية، ومن أهمها:
1- أن تكون في معزل عن الرجال.
2- أن لا تكون في أماكن مشبوهة لا تأمن المرأة فيها أن يطلع عليها الرجال من مكان خفي.
3- أن تكون المرأة ساترة لعورتها.
4- أن تكون هذه الألعاب مناسبة لطبيعة المرأة، ليس فيها تشبه بالرجال وليس فيها ضرر على أنوثتها.
وما دمنا نتكلم عن الملاعبة فإننا أيضاً ينبغي أن نتكلم عن
المدارسة، فإن كثيراً من الرجال قد يلاعب زوجته ولكنه يغفل عن مسألة المدارسة؛ ولذا
فإني أدعو نفسي وإياكم وجميع المسلمين أن
يكون لكل أسرة حلقة من حلق الذكر في البيت في وقت من الأوقات المناسبة يتدارس أهل
البيت فيها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن الكتب السهلة الفهم،
العظيمة النفع لأهل البيت جميعاً، والذي ينبغي لكل أسرة مسلمة أن تقتنيه كتاب رياض
الصالحين للإمام النووي رحمه الله.
الحوار الأسري أسلوب لتقويم المخطئ والإنكار على المذنب
بأسلوب حكيم ..
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى
الله عليه وسلم: "حسبك من صفية كذا وكذا".
فقال
عليه أفضل الصلاة والسلام: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر
لمزجته".
وقالت
عائشة رضي الله عنها في حوار آخر: "وحكيت له إنساناً".
فقال
عليه أفضل الصلاة والسلام: "ما أحب أني حكيت إنساناً، وإن لي كذا
وكذا".
والحوار
فيه فوائد منها:
أولاً:
عظم إثم الغيبة.. حتى شبهها النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بالنتن الذي لو
خلط بماء البحر لأنتنه، وشبهها الله عزو وجل بصورة فظيعة شنيعة يقشعر منها البدن
فقال: ( أيحب
أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ). الحجرات ، الآية : 12
فالغيبة
كبيرة من الكبائر ؛ ولذا ينبغي أن نطهر حواراتنا وأحاديثنا منها.
ثانياً:
تعليمه عليه أفضل الصلاة والسلام لأهله العلم الشرعي، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن
المنكر ... وهذه من المسؤوليات التي ضيعها – للأسف – كثير من الأزواج فيرى أهل
بيته أمام التلفاز .. يسمعون الأغنية الساقطة .. يشاهدون التمثيلية السافلة .
ويراهم يطلعون على كثير من الأمور التي لا ترضي الله تبارك وتعالى، ولا ترضي رسوله
صلى الله عليه وسلم، فلا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن النكر... يخرج إلى الصلاة
ويترك أبناءه في البيت لا يدعوهم إلى الصلاة .... ويترك أهل بيته يجوبون الأسواق
بلا محرم، تدخل المرأة المحل وتخلوا بصاحبه وربما تكشف عن وجهها.. إلى آخر
المنكرات التي عمت بيوتات المسلمين إلا من رحم الله بسبب تقصير أولياء الأمور في
مسؤولياتهم تجاه أهليهم .. وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "الرجل
راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته".
فهل
أعددت لهذا السؤال جواباً، وهل سيكون جوابك صواباً؟
ثالثاً: الغيبة تحصل بالقدح في
عرض الشخص الغائب لغير مصلحة شرعية .. وتكون بالأقوال والأفعال والإشارات. وقد بين
الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة ذلك عندما قالت عن صفية ما قالت وعندما حكت له
إنساناً، والله تعالى أعلم.
الخاتمة
إن
الأسرة المسلمة يمكن أن تجني من الحوار منافع عظيمة وفوائد عديدة.
فبالحوار
يمكن أن نغرس الإيمان بالله عز وجل، وصحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالحوار
يمكن أن نحل خلافاتنا ونتغلب على مشكلاتنا.
وبالحوار
يمكن أن نعلم أولادنا الصدق في القول والأمانة في العمل.
وبالحوار
يمكن أن نقوم الأخطاء ونصحح المسار.
وبالجملة
فبالحوار يمكن أن ندعو لكل خير وننهى عن كل شر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق